تحية الى الاستاذ كمال و الاستاذ الحسن..
ما ادرجته في مقالك يشير الى غصة تلازمنا جميعا كل سنة مع تلامذة الجذع مشترك وهم يسألوننا مثلا..ولكن ما فائدة الفلسفة يا أستاذ؟
هذا سؤال بديهي في ظل سيادة فكر التقنية بالمعنى الهايدغري..حيث يقبل التلاميذ على تكلف مصاريف للساعات الاضافية لتعلم اللغات وتحسين مستواهم في الرياضيات الفيزياء لأنها تفيد في مشوارهم الدراسي الطويل بعد الباكلوريا..وهي ترتبط بنظرة للوجود والمعرفة و طبيعتها النفعية (الطب يحفظ الاجسام مثلا).
كما يسألونني اثناء معالجة المحور الأول من المجزوءة.."وهل هناك فلاسفة عرب ومسلمون؟" فيندهشون لما أخبرهم أنهم يوجدون بمدرجات الجامعة بالرباط..وألاحظ دهشتهم و انشراحهم وهم يطالعون نص طه عبد الرحمان..ويتهامسون مندهشين "انه لا يزال حيا"..ان هذا الوضع يعود في جانب أساسي منه الى انزواء المثقفين لا الى تهميشهم, والا كيف نفسر تهافتهم على الكتابة في المجلات الخليجية ؟؟؟
الجواب لا يحتاج الى نباهة . وهذا يدل على أن التحول الذي أصاب المجتمع أصاب أساسا المثقفين بشكل أكبر..ثم (وهنا أتوجه الى زميلي الحسن) هل فعلا التحول الجماهيري الى ثقافة الاستهلاك مانع حقيقي من التساؤل و البحث و مؤد الى سيادة عقلية "خبزية" كما يقال؟؟
لماذا تجد الخطابات الأصولية حتى المتشددة منها نفوذا و اقبالا لدى الشباب؟ لماذا نجد "الجزيرة" وهي قناة رصينة اقبالا عليها؟ لماذا يصر المسؤولون على تحجيم الاعلام المستقل؟
ما أريد أن أقوله هو أن جهات في قوى التغيير والديموقراطية (سابقا) أصابها التعب و الترهل ولذا فهي لا ترى العيب في محياها بل في المرآة. وأرجو الا تعتبر أن كلامي نابعا من بولميك سياسي فأنا أكلمك انطلاقا من الهوية الوحيدة التي احملها و هي تدريس الفلسفة لا غير.
ان التفكير و التساؤل و الدهشة سمات لا يمكن أن يلغيها أي نظام حكم من الأنسان والا فاننا نصبغ على المسؤولين صفات الآلهة.
وأريد في الأخيرأن أتوقف عند مسألة الانشغال بالفلسفة الذي طغى على جيل 70-*80 حيث كانت خبزه اليومي (وهنا أعود الى مداخلة زميلي كمال) .و مع التقدير الشديد و الحقيقي لتجربة جيل عاش حرقة الأسئلة و اكتوى بنار كان ألمها موازيا لعلو آماله..فانني أتساءل هل كان الأمر متعلقا بالتفلسف أم بالأدلجة؟ ان ما تذكره أستاذي العزيو من المفاضلة بين الاتجاهات الفلسفية و مدى اقترابها من ثقافة التحرر كاف للجواب. هذا مع أنني أفضل الزمن الايديولوجي السابق برهاناته على البؤس الايديولوجي الحالي و الاسفاف الذي نعانيه في أقسامنا.
تحية اليكما معا و الى حوار لاحق